سنين نامان عدد #١
٥ ذو القعدة ١٤٤٥ هـ | ١٣ مايو ٢٠٢٤ م
بداية ديوان، سنين نامان
[أوزباكستان، سمرقند ٢٠٢٣ ]
السلام عليكم، مرحبًا بالجميع.
نشكر لكم تواضعكم، على الاشتراك في نشرة سنين نامان من «استوديو نامان».
بدأنا هذه النشرة، لنشارك معكم محتوى وأخبار المشاريع التي نعمل وعملنا عليها.
ونسعى من خلالها نشر التجارب والفوائد التي نتعلمها في الطريق.
استهلال
إذا كان الداخل علينا لا حامدٍ
هجرنا تلك الروح من غير عائدٍ
نعيش المكاسب من أجل حياة
والمكسب الحياةُ، نحن لا نعيش
فلا نحن ساكنونَ، نحن مُكَدسونَ
وللفوائدِ… طامعون
قنن وتهذب، من الزخم شذّب
واصبر على السكونِ، تأمل واكتب
في كل حيٍ وجامد
وصن نفسكَ بالعلمِ، قُم من النوم وهم
[نامان، رمضان ١٤٤٤]
معسكر سمرقند، وبداية نامان
المعسكر
هو إقامة في الريف، بتحديد زمن معين، يكون فيها اتباع جدول صارم بممارسات وطقوس تهدف إلى إعادة تصميم العادات والممارسات اليومية بحيث تكون مرتبة وصحية.
لماذا المعسكر؟
التحكم بالوقت بطريقة مادية وعملية ليست فطرة إنسانية، لكن ما يجعلنا نسلك هذا الطريق هو واقع أن المشتتات والملهيات حولنا تحيدنا عن الممارسات الحسنة التي نعلم أنها سترتقي بنا.
لذلك هدفنا في سمرقند كان تدريب وتهذيب النفس، عن طريق المعرفة أولًا والتدريب للارتقاء بقيمة الوقت.
كانت سمرقند كإعلان غير معلن، هل يبدأ شيء بعدها؟
بدأنا بتصميم المعسكر، وكنا نتباحث عن ما هي الجواهر التي سنستند عليها؟
اتفقنا على أن الجانب الروحي هو الاحتياج والمرغوب في هذه المرحلة، وينطبق ذلك على العادات
بـ (التفكر والقراءة والكتابة، والخلوة) والعبادات بـ(الصيام والتراويح).
فرأينا أن شهر رمضان وبالتحديد وقت العشر الأواخر، ستساعد على خلق هذه البيئة، والأجواء المناسبة لمساعي هذا المعسكر، وعليه وقع اختيار الزمان.
وتبعًا لذلك، بحثنا عن ما هو المكان المساند لهذه الجواهر؟
قسمنا حينها معايير اختيار الدولة إلى:
– المكان المساند لمساعي الجوهر.
– عامل الفضول الشخصي.
– العامل الاقتصادي.
– عامل القرب والبعد الجغرافي.
وبعد بحثٍ طويل، وقع الاختيار على قرية ترساك الجبلية في مدينة سمرقند، دولة أوزباكستان.
لم نزر سمرقند من قبل لكن جميع المعطيات النظرية ساعدتنا على اختيارها.
وبعيدًا عن الجانب النظري، الفضول والاسم الرنان كانا أيضًا دافعًا كبيرًا لاختيار المكان.
نواميس سمرقند
أحد الأدوات التي نستعين بها لتحقيق الأهداف الشخصية والعملية في المعسكر، هي وضع قوانين أو مانسميه «نواميس» والتي تساعد على تحقيق الأهداف، والالتزام بالممارسات.
«الناموس الأول» في هذا المعسكر، كان ترك الهواتف الذكية والحواسب في بلد الإقامة، والالتقاء في مطار دبي عند البوابة ٥، لننطلق سويًا إلى سمرقند.
«عند وجود الشبكة، يختفي قلق الإنسان من المجهول»
كان البحث النظري على الإنترنت مقتصرًا فقط على ماقبل الرحلة، إذ لن يكون لدينا أي تقنية خلال فترة الإقامة في المعسكر، وسيكون الاعتماد التام على الورق المطبوع، الذي سجلنا فيها كافة المعلومات.
في تلك الأثناء، ظهر تأمل:
«عند وجود الشبكة، تركن غريزة الإنسان إلى الكسل» كيف أصبحنا لا نقلق كثيرًا على البحث والتنسيق المسبق، لعلمنا بوجود التقنية في كل وقت.
بعد الوصول إلى مدينة سمرقند، كان الهدف البحث في سوق الخضار عن غذاء يكفينا لمدة ١٠ أيام، وهي المدة التي سنقضيها في المعسكر.
الانتقال إلى المستقر
«النُزل وبيئة النُزل، كل شيء جديد ومختلف.»
عندما وصلنا، عرفنا أننا لن نكون مجرد عابرين بل سنستقر مدة زمنية محددة، وعلينا أن نعمل بجدٍ على كسب الألفة مع المكان الجديد.
عندما نكون في بيئة جديدة، عادة ما نبدأ بعملية «تطبيع العادات» ويكون ذلك بدءًا من الصباح بوضع «قائمة الممارسات» من: (العبادات، صيانة المكان، مسير الصباح، القراءة، التدوين، الحركة، وإعداد الطعام).
مع الأيام بدأنا نألف هذه العادات، وصرنا نملي على أنفسنا بعضًا من الوصايا.
هذه الوصايا هي بمثابة «حارس العادات»:
– أولًا، تجديد النية مع العادات، لأن الإتقان والإحسان، قد يتلاشى ويضمحل مع الوقت.
تلك فطرة إنسانية؛ لذلك تجديد النوايا، مطلب لإعادة الحماس اتجاه الممارسة.
– ثانيًا، المرونة في تصميم الممارسات. الحياة لا تخلو من المُشتتات، وظهور الطوارئ أمر محتم، فكيف لأداة التصميم أن تتميز بالمرونة، حتى تساهم في إعادة ضبط الممارسات بما يتناسب مع متغيرات الطريق.
جدول ممارسات سمرقند
٤:٠٠ السحور (بيض وحليب بقر)
٤:٤٠ صلاة الفجر ونوم حتى الإشراق
٨:٠٠ صيانة الزاوية والجسد (ترتيب المكان، وغسل الوجه)
٨:٣٠ مسير الصباح (مابين ٣٠ إلى ٦٠ دقيقة)
٩:٤٠ تدوين اليوميات والأفكار (٦٠ دقيقة)
١٠:٥٠ قراءة (ساعة ونصف)
١٢:٣٠ وقت حُر (٦٠ دقيقة، قراءة، تنزه في الجبل، استرخاء)
١٣:٣٠ تجهيز الإفطار (٤٠ دقيقة)
١٤:٢٠ قراءة (ساعة)
١٦:٠٠ تمارين المرونة (٤٠ دقيقة)
١٧:٠٠ جري بين الجبال (٥٠ دقيقة)
١٨:٠٠ صيانة الجسد
١٨:٣٠ تجهيز الإفطار
١٨:٥٠ الإفطار وصلاة المغرب
٢٠:٠٠ صلاة التراويح
٢١:٠٠ هنسي كاي (لقاء المحاسبة)
٢٢:٠٠ النوم
ماذا بعد المعسكر؟
تنقضي ١٠ أيام، محملة بالتعاليم والوصايا في جبال سمرقند.
لامسنا فيها حالة مثالية لكيف يمكن أن يكون شكل اليوم.
في ذلك المكان وبتصميم المعسكر، ليس لك إلا أن تلتزم بالعادات التي وضعتها لنفسك.
لكن ما إن بدأت الجبال تتلاشى عن الأنظار، وانكشفت أزقة المدينة. ظهر القلق، وبدء السكون يضمحل.
في ذلك الوقت حل الظلام.
حديث الليلة الأخيرة
في الليلة الأخيرة، وقبل العودة إلى البلاد
«حديث سمرقند الأخير» بين نعمان وقيس:
قيس: انتهى الطريق، بدأت أخشى أن أعود وتتلاشى «الحالة المثالية» التي كنت عليها في الجبل.
نعمان: هل حسبت أنك ستجد الخلاص؟
قيس: إذن، ما كان فائدة اعتكافنا في الجبل؟
نعمان: أن تعرف الأمل، وتفهم الفطرة
قيس: اشرح ماتقول!
نعمان: الإنسان ينسى. المعسكر كان للتعليم والتهذيب، ولا يعني ذلك أنك لن تحتاجه مجددًا.
قيس: إذن ما كان فائدة اعتكافنا في الجبل؟
نعمان: أن تنهض لتسير، وإن كنت تسير، لتسير في الطريق الصحيح، وإذا كنت كذلك لتكمل المسير.
قيس: وهل عندما انهض وأسير، سأصل؟
نعمان: لا، لا يعني ذلك، ستحتاج دائمًا أن تسير
قيس: إذن ما كان فائدة اعتكافنا في الجبل؟
نعمان: أن تعرف أن لا خلاص، وتتواضع، وتنهض لتسير
قيس: سأعود إلى الجبل
نعمان: قابل الأمل مجددًا، ولا تنسى التعاليم.
أخبار نامان
[ ٧ أيام في النرجس، لإنتاج فلم وثائقي]
١٣ أبريل ٢٠٢٤، أقبل الفريق مدينة الرياض، وعسكر فيها ٧ أيام، لإنتاج فلم وثائقي، لشركة خطوة جمل، بمناسبة مرور ١٠ سنوات على تأسيسها.
خطوة جمل هي شركة للتجارة والصناعة، من أوائل شركات القهوة المختصة في السعودية، والتي كرست مجهوداتها في بداية مسيرتها على بناء سوق القهوة المختصة.
كنا محظوظين بفرصة العمل في مشروع الفلم الوثائقي، لأننا لم نكن ننتج فلمًا وحسب، بل كنا نتعلم ونتأمل في بيئة عمل الشركة، ونسمع من تعاليم التجارة والإدارة والتسويق، والاستراتيجيات الخاصة بشركة خطوة جمل. خصوصًا أن جزءًا كبيرًا من الإنتاج، كان حديثًا مع المؤسسين والإداريين.
كانت حالتنا تنقسم إلى عينٍ تحاول أن تلتقط صورة جميلة، وآذان تستمع وتتعلم فنون التجارة.
«أخبرني مع من تعمل، أخبرك من أنت» إعادة تأطير للحكمة الشهيرة «أخبرني من تصاحب أخبرك من أنت» نسعى دائمًا في استديو نامان، العمل مع المنظمات والأفراد الذين نستشعر معهم القيمة التي يحاولون تقديمها.
فائدة نامان
«النظرة إلى العمل كرغبة، مقابل رؤيته كوقت متراكم»
عندما أفكر في العمل، أحاول ألا أصنفه بأشياءٍ أرغب في فعلها الآن أو لا، بل هو مجرد أوقات متراكمة. أعتقد أن العمل هو تراكم أوقات تسعى في أن تكون نتيجة. ليس هناك شيئًا اسمه عمل خفيف أو عمل ثقيل بل عمل يأخذ وقتًا قصيرًا، وعملٌ يأخذ وقتًا طويلًا.
عندما نرى العمل بنظرة الوقت تصبح جميع المهام متساويه من ناحية الأهمية
ويصبح وضع الأولويات بمعيار «كم من الوقت أحتاج لإنجاز المهمة؟»
من كتاب «التنسيق والترتيب المهم، الذي لايعلمونا إياه» ميزونو قاكو
— في سنين، يمضي الوقت ويبقى الكلم —
تكمن القصص في كيفياتها بدرجة أكبر من نتائجها.
في القصة، تتربع التعاليم، وتكمن الرسائل.
من ذلك المنطلق، نشارك معكم في كل نشرة من سنين، محتوى قصصي عن المشاريع في كيفياتها، ماهياتها، لماذاتها.
البركةُ في زيادةِ عددِ المشتركينَ، يسعدنا مشاركتُكم نشرة سنين نامان
هذا والله الموفق
-
©2023 جميع الحقوق محفوظة لاستوديو نامان